
تزامنًا مع انطلاق كأس العالم للأندية المقامة حاليًا في الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تتصاعد تحذيرات خطيرة بشأن سلامة اللاعبين والأطقم الفنية والمشجعين بسبب موجة حر غير مسبوقة تضرب عددا من الولايات التي تستضيف المباريات وقد تحوّل الحديث سريعًا من حماس المنافسات إلى صدمة واقعية تهدد النسخة المقبلة من كأس العالم المقررة في صيف 2026 وسط ظروف مناخية مشابهة وتوقيت مباريات مثير للجدل
بداية الإنذار : معاناة الفرق من درجات الحرارة
مع انطلاق مباريات البطولة ظهرت علامات الإجهاد والانهاك الحراري بوضوح على اللاعبين حيث بدا الإرهاق واضحًا في كل مباراة تقريبًا وفي لقاء باريس سان جيرمان وأتلتيكو مدريد أطلق المدرب الإسباني لويس إنريكي تحذيره قائلًا الفرق تعاني بشدة من هذه الأجواء الخانقة بينما عبّر اللاعب ماركوس يورينتي عن معاناته قائلا الحرارة لا تطاق وأصابعي تؤلمني ولا أستطيع التوقف أو الركض إنها ظروف جنونية أما فيتينيا نجم باريس سان جيرمان فأكد أن جسده احمر بالكامل مشيرًا إلى أنه لم يخض من قبل مباراة بهذه القسوة المناخية
توقف المباريات بسبب الظروف المناخية
لم تقتصر تأثيرات الأجواء الحارة على الإجهاد فقط بل أجبرت المنظمين على إيقاف المباريات حيث توقفت ثلاث مباريات حتى الآن بسبب تحذيرات من سوء الأحوال الجوية وتحديدًا العواصف الرعدية ومن بين هذه المواجهات مباراة الأهلي المصري ضد بالميراس البرازيلي التي أوقفها الحكم أنتوني تايلور في الدقيقة 62 بعد ظهور سحب رعدية كثيفة وطلب من الفريقين مغادرة الملعب حفاظًا على سلامتهم واستمر التوقف نحو ساعة قبل أن تُستأنف المباراة لاحقًا وهو سيناريو تكرر أيضا في لقاءات باتشوكا ضد سالزبورج وماميلودي صن داونز ضد أولسان هيونداي ما يعكس خطورة الموقف
ملاعب مكشوفة تحت الشمس الحارقة
بحسب المعطيات فإن 11 ملعبًا من أصل 16 ملعبًا مخصصًا لمباريات البطولة الحالية لا يحتوي على سقف وهو ما يجعل اللاعبين والجماهير عرضة مباشرة للشمس والحرارة القاسية وتشير التوقعات الجوية إلى أن سبعة من هذه الملاعب ستشهد خلال هذا الأسبوع درجات حرارة تتجاوز 90 درجة فهرنهايت أي ما يعادل 32 درجة مئوية تقريبًا وهي نفس الفترة الزمنية التي سيُقام فيها كأس العالم 2026 وهو ما يزيد من حجم المخاوف
توقيت المباريات في قلب موجة الحر
من أبرز الانتقادات التي وُجهت للمنظمين تتعلق بتوقيت إقامة المباريات حيث انطلقت العديد من المواجهات عند الظهيرة أو بعد الظهر لخدمة التوقيت الذهبي في أوروبا وإفريقيا لكن هذا القرار تسبب في إجهاد كبير للاعبين وعرّضهم لمخاطر صحية جسيمة ففي ميامي على سبيل المثال لم يتمكن حارس بنفيكا أناتولي تروبين من إخفاء دهشته من شدة الحر قائلاً إنها المرة الأولى في حياتي التي أشعر فيها بحرارة من هذا النوع
الآثار السلبية على الأداء
انعكست الظروف الجوية على الأداء الفني للفرق حيث صرّح المدرب لويس إنريكي مجددًا أن الحرارة أثرت بشكل مباشر على جودة اللعب وأكد أن الحفاظ على الإيقاع العالي لمدة 90 دقيقة في مثل هذه الظروف أمر شبه مستحيل ورغم أن توقيت المباريات يخدم البث التلفزيوني في أوروبا إلا أن الفرق تدفع الثمن الصحي والبدني والذهني وأصبح هذا الأمر محور جدل متزايد بين اللاعبين والمدربين والمحللين الرياضيين
حوادث صحية متكررة خلال البطولات الصيفية
المخاوف الصحية لم تتوقف عند بطولة الأندية فقط بل ظهرت أيضًا خلال بطولة كوبا أمريكا الصيف الماضي حيث أُصيب المدافع الأوروغوياني رونالد أراوخو بدوار حاد وخرج بين الشوطين كما تم نقل حكم مساعد إلى المستشفى بسبب الجفاف وتكرار مثل هذه الحوادث يعكس حجم الخطر المحدق باللاعبين إذا ما تم تجاهل المناخ خلال تنظيم البطولات الكبرى في الصيف الأمريكي
الفيفا في مأزق وغياب إجراءات واضحة
أمام كل هذه الحقائق يجد الاتحاد الدولي لكرة القدم نفسه في موقف محرج فحتى الآن لم يُعلن عن أي خطوات واضحة لمعالجة هذه الأزمة بينما تتواصل المباريات في مدن مثل سينسيناتي ميامي أورلاندو ونيوجيرسي وجميعها معروفة بصيفها القاسي والمشبع بالرطوبة العالية ومع اقتراب مونديال 2026 لا تزال الخطط البديلة غامضة وسط ضغوط إعلامية متزايدة للمطالبة بإجراءات فعلية وسريعة لحماية اللاعبين
هل يمكن تغطية الملاعب؟ الحلول المحتملة
من الحلول المطروحة تغطية الملاعب بسقف متحرك للتخفيف من تأثير الشمس المباشر لكن هذا الخيار يواجه تحديات تقنية ولوجستية كبيرة ويتطلب وقتًا طويلًا للتنفيذ وهو ما يجعل احتمالية تطبيقه قبل صيف 2026 أمرًا صعبًا للغاية خاصة أن عدة ملاعب تحتاج إلى إعادة تصميم جزئي أو تعديلات بنيوية وهذا ما يزيد من تعقيد الموقف
اللاعبون يتأقلمون بصعوبة والجماهير تعاني
في ظل غياب الحلول العاجلة يحاول اللاعبون التأقلم مع الوضع من خلال إجراءات مثل الاستحمام بالماء البارد أو تقليل فترات التدريب أو حتى استخدام مكعبات الثلج أثناء فترات الاستراحة لكن هذه المحاولات تبقى محدودة التأثير في ظل الظروف القاسية وفي المدرجات تعاني الجماهير أيضًا حيث شهدت بعض الملاعب حالات إغماء نتيجة الحرارة والرطوبة مما استدعى تدخلات طبية عاجلة وهو ما يهدد مستقبلا بنجاح تنظيم البطولة من ناحية الحضور الجماهيري
خاتمة
مع كل هذه التحديات تطرح الأسئلة نفسها بقوة هل الاتحاد الدولي لكرة القدم جاهز فعلا لحماية اللاعبين في كأس العالم 2026 أم أنه سيواصل الجدولة الحالية دون مراعاة للمخاطر المناخية هل ستبقى اعتبارات البث التلفزيوني فوق صحة الإنسان وهل سيشهد مونديال أمريكا الشمالية فضيحة تنظيمية بسبب تجاهل تحذيرات الأطباء واللاعبين وحدها الأيام القادمة ستكشف عن قدرة الفيفا على التجاوب مع هذه الأزمة أو تجاهلها كما فعل في مناسبات سابقة