
جائزة الكرة الذهبية؟
منذ تأسيسها عام 1956، تُعتبر جائزة الكرة الذهبية من أكثر الجوائز المرموقة في عالم كرة القدم، فهي تمثل تتويجًا لأداء لاعبٍ واحد خلال موسم كروي كامل. غير أن هذه الجائزة، التي تمنحها مجلة “فرانس فوتبول” الفرنسية، كثيرًا ما كانت محط جدل وانتقاد بسبب طريقة التصويت والمعايير غير الواضحة التي تتحكم في اختيار الفائز.
كيف يتم التصويت على الكرة الذهبية؟
يُشارك في التصويت على الجائزة صحافيون من مختلف دول العالم، إلى جانب قادة المنتخبات والمدربين الوطنيين. وتقوم المعايير الرسمية على ثلاثة محاور أساسية: الأداء الفردي، الألقاب الجماعية، والسلوك داخل وخارج الملعب. إلا أن الإشكال الأكبر يكمن في غموض توزيع وزن هذه المعايير، ما يفتح المجال واسعًا أمام التفسيرات الشخصية والانحيازات العاطفية.
تأثير الإعلام والروايات العاطفية على النتائج
لا شك أن الإعلام يلعب دورًا مركزيًا في توجيه دفة التصويت. فقد أثبتت السنوات الماضية أن الرواية الإعلامية حول لاعب معين، سواء كانت إنجازاته مبالغ فيها أو مدفوعة بعوامل سياسية أو تجارية، يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على اختيارات المصوتين. على سبيل المثال، عندما فاز لوكا مودريتش بالكرة الذهبية في 2018 رغم أن أرقامه لم تكن الأفضل، كان ذلك تتويجًا لمسيرته الطويلة أكثر من كونه جائزة عن موسم مميز.
المرشحون البارزون لنيل الكرة الذهبية 2025
في عام 2025، يحتدم الصراع بين عدد من النجوم البارزين، أبرزهم عثمان ديمبلي، نجم باريس سان جيرمان، الذي قدم موسمًا استثنائيًا قاد فيه فريقه لتحقيق الثلاثية (الدوري، الكأس، ودوري أبطال أوروبا). أرقامه الفردية (33 هدفًا وتمريرات حاسمة عديدة) تجعله مرشحًا فوق العادة، وقد عبر زميله في النادي أشرف حكيمي عن دعمه الكامل له. من جهة أخرى، يلمع نجم الشاب لامين يمال، الذي لا يتجاوز عمره 17 عامًا، لكنه فاز بكل شيء محليًا مع برشلونة وحقق نجاحًا قاريًا مع منتخب إسبانيا، ما يجعله أصغر مرشح محتمل للفوز بالجائزة.
أسماء أخرى تنافس على الجائزة
لا يجب أن نغفل أيضًا عن أسماء أخرى بارزة مثل رافينيا، الذي سجل 27 هدفًا وصنع 19 أخرى مع برشلونة، ويُعتبر من أبرز المرشحين في قوائم المراهنين. كذلك نجد محمد صلاح، الذي قدم موسمًا مذهلاً في الدوري الإنجليزي الممتاز، وفينيسيوس جونيور، الذي لا يزال رقماً صعباً مع ريال مدريد، إضافة إلى جود بيلينغهام وكيليان مبابي، وكلاهما أظهر أداءً مميزًا رغم عدم تحقيق ألقاب كبرى.
وبينما يتصدر هؤلاء المشهد الكروي العالمي، برز اسم المغربي أشرف حكيمي ضمن قائمة أفضل 10 مرشحين بحسب موقع “Top Mercato”، وهو ما يُعد إنجازًا بحد ذاته في مركز الدفاع الذي نادرًا ما ينال التقدير الكافي.
هل تؤثر السياسة والعاطفة على نتائج الجائزة؟
رغم كل ذلك، تظل الكرة الذهبية في نظر البعض جائزة تتأثر كثيرًا بالعوامل غير الكروية: من حملات إعلامية مُمنهجة، إلى تفضيلات وطنية أو قارية، وصولًا إلى قصص شخصية مؤثرة يمكن أن تسرق قلوب المصوتين. لذا، تبرز الحاجة إلى إعادة النظر في آلية التصويت، وإعادة توزيع المعايير بشكل أكثر شفافية ووضوح.
في النهاية، إن الكرة الذهبية لا تزال رمزًا تاريخيًا عريقًا، لكنها مطالبة اليوم بأن تُكرم الاستحقاق الحقيقي، لا السرد العاطفي أو التأثير الإعلامي. لأن جمهور كرة القدم يستحق أن يرى جائزة تُمنح لمن يستحق، لا لمن يُروَّج له.
الحاجة إلى إصلاح آلية التصويت
إن استمرار الجدل حول الفائزين بالكرة الذهبية في كل عام، يفرض على الجهات المنظمة العمل على تطوير نظام أكثر عدلاً ومهنية. ومن المقترحات التي يتم تداولها، ضرورة استخدام تحليل البيانات الدقيقة لتقييم أداء اللاعبين بشكل موضوعي، بالإضافة إلى توسيع قاعدة المصوتين لتشمل محللين فنيين وخبراء إحصاء، وليس فقط صحافيين ومدربين. كما يمكن التفكير في توزيع الجائزة على أكثر من فئة، مثل أفضل هداف، أفضل صانع ألعاب، وأفضل مدافع، كما هو الحال في جوائز أخرى مثل The Best.
حتى يتم تبني هذه الإصلاحات، ستظل الكرة الذهبية محط تساؤل سنوي: هل فاز الأفضل حقًا؟ أم أن الإعلام والعواطف والمصالح كانت لها الكلمة العليا؟