أخبار و مسابقات الرياضات النسائية

هل خرجت كرة القدم النسائية الإسبانية من نفق الفضيحة الجنسية نحو المجد الأوروبي؟

تحوّل تتويج المنتخب الإسباني النسوي بكأس العالم 2023 إلى حدث سياسي واجتماعي أثار عاصفة من الجدل تجاوزت حدود الرياضة وبدلاً من أن تكون اللحظة لحظة مجد وتاريخ وتكريم للبطلات اللواتي رفعن راية إسبانيا في أعلى منصات التتويج العالمية تحولت الصورة إلى عنوان للفضيحة بعد تصرف رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم حينها لويس روبياليس الذي قبّل اللاعبة جيني هيرموسو على شفتيها أمام عدسات الكاميرا دون رضاها كما صرحت لاحقاً

بداية الفضيحة التي غطّت على المجد

حينها كان منتخب السيدات الإسباني يستعد لرفع أول كأس عالم في تاريخه لكن المشهد الذي خطف الأضواء كان ذلك القُبلة غير المرغوب فيها التي قام بها روبياليس والتي قال لاحقاً إنها كانت بالتراضي غير أن هيرموسو أكدت أن الأمر لم يكن كذلك لتشتعل بعدها وسائل الإعلام الإسبانية والعالمية بسيل من الانتقادات وصلت إلى القضاء الإسباني الذي أدان روبياليس بتهمة الاعتداء الجنسي ولم تقف الأمور هنا بل ذهبت والدته إلى تنفيذ إضراب عن الطعام احتجاجاً على ما اعتبرته ظلماً بحق ابنها

الغضب يتحول إلى ثورة نسائية كروية

في أعقاب الحادثة خرجت 81 لاعبة من المنتخب الوطني على رأسهن جميع اللاعبات الفائزات بكأس العالم ليعلنّ مقاطعتهن للمنتخب طالما بقي روبياليس في منصبه وهو ما اعتبر حينها حركة نسوية جريئة تعبر عن رفض قاطع لأي تجاوز على الكرامة الجسدية للمرأة اللاعبة والرياضية وكشفت رئيسة اتحاد لاعبات كرة القدم في إسبانيا أماندا غوتيريز أن القرار لم يكن سهلاً حيث كانت اللاعبات خائفات جداً على مستقبلهن المهني وأنهن خاطرن بمسيرتهن من أجل مبدأ العدالة والاحترام

الضغط يأتي بنتائج والاتحاد يعد بالإصلاح

بعد حوالي شهر من الأزمة ووسط ضغط سياسي وجماهيري واسع قرر الاتحاد الإسباني لكرة القدم تقديم وعود بإصلاحات هيكلية تشمل تحسين ظروف عمل اللاعبات وتحقيق المساواة في الموارد بين منتخب الرجال ومنتخب السيدات وذلك بعد اجتماعات ماراثونية ضمت اللاعبات وممثلي الحكومة الإسبانية مما ساهم في إنهاء المقاطعة وعودة اللاعبات للمنافسات الدولية

هل تغيرت الأمور فعلاً داخل الاتحاد الإسباني؟

يرى المتابعون أن بعض التغييرات قد تحققت لكن العمل لم يكتمل بعد الصحفي غيليم بالاغي يؤكد أن أصوات اللاعبات قد سُمعت لأول مرة بوضوح فيما قالت غوتيريز إن الاتحاد بدأ فعلاً في تطبيق بعض الإصلاحات لكن بشكل تدريجي وبطيء وأكدت أن هناك مقاومة داخلية في بعض مفاصل المؤسسة الرياضية الإسبانية ما يجعل الإصلاح الكامل تحدياً كبيراً أمام كل من يسعى لتغيير المنظومة

جيل جديد من اللاعبات يفرض قواعده

اللافت في كل هذه الأزمة أن اللاعبات الإسبانيات أظهرن روحاً قيادية ومسؤولية عالية تجاه زميلاتهن والجيل القادم من الفتيات إذ قالت الصحفية أليكس إيباسيتا إن هؤلاء اللاعبات لم يعدن يتحملن أي تجاوزات أو ممارسات غير مهنية وأنهن مستعدات للتخلي عن القميص الوطني في سبيل الدفاع عن قيمهن وكرامتهن وهو ما يُعد سابقة في تاريخ كرة القدم النسائية العالمية

أهم إنجاز في المسيرة لا يرتبط بالكؤوس

رئيسة اتحاد اللاعبات ترى أن ما حققته لاعبات منتخب إسبانيا يتجاوز التتويج الرياضي بكثير إذ تعتبر أن الوقوف ضد السلطة والتمييز الجنسي ومحاربة العنف الرمزي والجسدي داخل المؤسسة الكروية هو أعظم ما يمكن أن تفعله أي لاعبة لصالح الأجيال القادمة وقد قالت بالحرف للاعبات هذا هو الإنجاز الأهم في مسيرتكن وليس الكؤوس أو الجوائز

التحدي القادم في اليورو

مع اقتراب تصفيات كأس أوروبا للسيدات يترقب الشارع الكروي ما إذا كان منتخب إسبانيا سيدخل مرحلة جديدة من النضج والاحتراف بعد هذه الهزة العنيفة وهل سيثبتن أن التغيير المؤسسي لا يمنع الاستمرار في حصد الإنجازات أم أن المعركة الحقوقية ستلقي بظلالها على التركيز الرياضي الفريق يدخل المنافسة الآن بطاقم فني جديد وروح مختلفة لكن العيون لا تزال تراقب مدى صدق التزام الاتحاد الإسباني بما وعد به في لحظة حرجة من تاريخه

فضيحة روبياليس لم تكن مجرد لحظة تجاوز عابرة بل كانت نقطة تحوّل في تاريخ كرة القدم النسائية الإسبانية وربما العالمية تحولت البطولة من تتويج بالكأس إلى انتفاضة ضد التمييز وصرخة نسوية من قلب الملاعب لتكتب اللاعبات فصلاً جديداً في علاقة الرياضة بالعدالة والكرامة ومستقبل كرة القدم الإسبانية سيكون محكوماً بمدى قدرة هذه المؤسسة على الوفاء بوعودها والتصالح مع قيم العصر الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى