
في خطوة غير مسبوقة في تاريخ كرة القدم الأوروبية أعلن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” موافقته الرسمية على إقامة مباراة فياريال وبرشلونة ضمن منافسات الدوري الإسباني “لاليغا” في مدينة ميامي الأمريكية لتكون هذه المرة الأولى التي تُقام فيها مباراة من الدوري الإسباني خارج الأراضي الإسبانية وهو قرار أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الرياضية بين مؤيدين يرونه انفتاحاً عالمياً ومعارضين يعتبرونه تهديداً لهوية البطولات المحلية
خلفية القرار
جاءت موافقة الاتحاد الأوروبي بعد سلسلة من الاجتماعات والمشاورات أجريت بين ممثلي الاتحاد الإسباني ونظرائهم في الاتحاد الأوروبي إلى جانب الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” حيث تم تقديم طلب رسمي من رابطة الدوري الإسباني للسماح بإقامة المباراة في الخارج ضمن مشروعها الهادف إلى التوسع التسويقي وزيادة شعبية البطولة على المستوى العالمي خصوصاً في السوق الأمريكي
الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية في “يويفا” والذي عُقد في العاصمة الألبانية تيرانا الشهر الماضي خلص إلى السماح استثنائياً بإقامة مباراتين خارج حدود بلديهما وهما مباراة فياريال ضد برشلونة في الدوري الإسباني ومباراة ميلان ضد كومو في الدوري الإيطالي
موقف الجماهير والأندية الأوروبية
رغم الموافقة الاستثنائية إلا أن القرار واجه رفضاً واسعاً من جماهير الأندية الأوروبية التي اعتبرت أن نقل المباريات المحلية إلى الخارج يُفقدها طابعها الجماهيري ويضر بحقوق المشجعين المحليين الذين يدفعون ثمن التذاكر ويدعمون فرقهم منذ سنوات كما أبدت بعض الاتحادات الأوروبية تحفظها من أن تتحول هذه الخطوة إلى سابقة تفتح الباب أمام نقل مباريات أخرى مستقبلاً خارج القارة
الاتحاد الأوروبي أشار بوضوح في بيانه الرسمي إلى أن القرار لا يمثل قاعدة عامة بل هو استثناء مؤقت إلى حين مراجعة لوائح “فيفا” الجديدة التي تنظم إمكانية إقامة المباريات خارج الدولة الأصلية وأكد أنه سيعمل بشكل مشترك مع الاتحادات الوطنية لضمان الحفاظ على نزاهة المنافسات المحلية
تصريحات ألكسندر تشيفرين
رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ألكسندر تشيفرين قال في تصريح رسمي: “المباريات المحلية يجب أن تُلعب على أراضيها لأن نقلها deprive الجماهير المخلصة من حقوقها وقد يؤدي إلى تشويه عدالة المنافسة ما قمنا به هو استثناء خاص لا يمكن اعتباره سابقة للمستقبل” وأضاف: “هدفنا هو حماية نزاهة الدوريات الوطنية والحفاظ على علاقة كرة القدم بجذورها المجتمعية”
دور الفيفا في القرار
من جهته كان الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” قد فتح الباب أمام إمكانية إقامة مباريات محلية خارج الدولة منذ عام 2024 حين عدّل إحدى اللوائح التي كانت تمنع ذلك القرار جاء بعد اجتماع مجلس الفيفا في مايو 2024 حيث تمت الموافقة على آلية تسمح للأندية بخوض مباريات رسمية خارج بلدانها بشرط موافقة الاتحاد المحلي والاتحاد القاري
وبناءً على هذا التغيير لم يعد هناك أي مانع قانوني يمنع إقامة مباراة فياريال ضد برشلونة في ميامي خاصة أن الفيفا منح الضوء الأخضر النهائي لهذا الحدث مما يعني أن اللقاء سيُقام رسمياً في الولايات المتحدة خلال الموسم الجاري
أبعاد تسويقية وجماهيرية
الخطوة تعتبر جزءاً من خطة رابطة “لاليغا” لتوسيع قاعدة متابعي الدوري الإسباني في أمريكا الشمالية إذ تهدف إلى تعزيز الحضور التجاري للبطولة ومنافسة الدوري الإنجليزي الممتاز الذي يملك قاعدة جماهيرية ضخمة في القارة الأمريكية ويتوقع أن تجذب المباراة حضوراً جماهيرياً هائلاً بالإضافة إلى عائدات تسويقية وإعلامية كبيرة
انتقادات وتحفظات
في المقابل حذر بعض النقاد من أن نقل المباريات إلى الخارج قد يخلق فجوة بين الأندية الكبيرة والجماهير المحلية كما اعتبر البعض أن الخطوة قد تؤدي إلى إرهاق اللاعبين بسبب السفر الطويل وتغيير التوقيت مما قد يؤثر على جودة الأداء الرياضي
التحدي المقبل أمام لاليغا
المباراة بين فياريال وبرشلونة المقررة في ميامي ستكون اختباراً حقيقياً لمدى نجاح هذا النموذج الجديد وإذا ما أثبت نجاحه فقد نشهد في المستقبل مباريات أخرى خارج أوروبا مثل الكلاسيكو أو الديربيات الكبرى في مدن مثل نيويورك أو لوس أنجلوس أو حتى طوكيو ما سيغير شكل كرة القدم الأوروبية كما نعرفها
قرار “يويفا” بالموافقة على إقامة مباراة فياريال وبرشلونة في ميامي يشكل منعطفاً مهماً في تاريخ كرة القدم الأوروبية إذ يعكس التوازن الصعب بين الحفاظ على هوية اللعبة والانفتاح على الأسواق العالمية ورغم أنه قرار استثنائي فإن نجاح هذه التجربة قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من “العولمة الكروية”