
بداية القصة بين النجاح والتحفظ
منذ أن تولى ميكيل أرتيتا تدريب نادي أرسنال في دجنبر 2019 نجح في تغيير ملامح الفريق بشكل كامل حيث تمكن من إعادة الانضباط التكتيكي ومنح اللاعبين الثقة التي افتقدوها في سنوات ما بعد أرسين فينغر لكن مع مرور المواسم بدأ يظهر جانب آخر في شخصية المدرب الإسباني وهو الحذر الزائد الذي بات يثير الكثير من الجدل خصوصا في المباريات الكبيرة التي تحتاج شجاعة هجومية أكثر من الحسابات الدفاعية
سوق انتقالات ضخم وتوقعات عالية
في صيف 2025 أنفق أرسنال ما يقارب 300 مليون يورو لجلب مجموعة من اللاعبين الهجوميين المميزين مثل فيكتور غيكرس القادم من سبورتينغ لشبونة ونوني مادويكي وإيبيريتشي إيزه إضافة إلى تعزيز خط الوسط بضم ميكيل ميرينو ومارتن زوبيميندي إلى جانب النجم ديكلان رايس هذه الأسماء من المفترض أن تمنح الفريق قوة هجومية كبيرة لكن ما حدث هو أن أرتيتا واصل اعتماده على أسلوب التحكم والاحتفاظ بالكرة مع غياب الجرأة الهجومية في اللحظات الحاسمة
مباراة مانشستر سيتي تكشف المشكلة
أرسنال واجه مانشستر سيتي في قمة الجولة الأخيرة بالدوري الإنجليزي الممتاز وكان أمامه فرصة ذهبية لتقليص الفارق مع ليفربول المتصدر لكن أرتيتا دخل المباراة بخطة حذرة جدا حيث أشرك ثلاثي وسط مكون من رايس وزوبيميندي وميرينو وهو ثلاثي ممتاز دفاعيا لكنه يفتقد للإبداع والقدرة على صناعة الفرص النتيجة أن أرسنال عانى هجوميا وسمح لسيتي بالتقدم ورغم إدخال إيبيريتشي إيزه في الشوط الثاني إلا أن الفريق اكتفى بالتعادل وهي نتيجة قد تكلفه غاليا في صراع اللقب
غياب اللاعب رقم عشرة
من أبرز الملاحظات على تكتيك أرتيتا أنه لا يمنح مساحة كافية للاعب المبدع في مركز صانع الألعاب فغياب مارتن أوديغارد بسبب الإصابة كان له أثر كبير ومع ذلك لم يمنح المدرب الفرصة الكاملة لإيبيريتشي إيزه الذي يعتبر من أكثر اللاعبين قدرة على فتح دفاع الخصوم هذه العقلية المتحفظة جعلت الفريق يظهر بشكل باهت في المباريات الكبيرة ويعتمد أكثر على الكرات الثابتة أو الأخطاء الفردية للخصم
قضية فيكتور غيكرس
أرسنال دفع 64 مليون يورو لضم المهاجم فيكتور غيكرس الذي سجل العديد من الأهداف مع سبورتينغ لشبونة لكن اللاعب لم يجد البيئة المناسبة في أرسنال بسبب غياب الدعم من الوسط الإبداعي حيث غالبا ما يظهر معزولا في المقدمة دون كرات كافية هذه المشكلة تؤكد أن أرتيتا لا يستغل جيدا قدرات مهاجميه وأن أسلوبه في السيطرة المبالغ فيها يحرم الفريق من القوة الهجومية التي دفع من أجلها الملايين
تأثير القرارات التكتيكية
أرتيتا كثيرا ما يُتهم بالعناد حيث يكرر نفس التشكيلات حتى لو لم تنجح مثل إصراره على ثلاثي الوسط الدفاعي أمام ليفربول ومانشستر سيتي رغم أن الفريق لم يحقق نتائج إيجابية هذا الإصرار يعكس شخصية مدرب يريد إثبات صحة أفكاره حتى على حساب النتائج النهائية وهو ما أثار انتقادات جماهيرية واسعة التي ترى أن المدرب يضع “التحكم” فوق مبدأ “الهجوم للفوز”
مقارنة مع بدايات أرتيتا
في موسم 2022-2023 كان أرسنال مفاجأة البطولة حيث لعب بأسلوب هجومي ممتع جعله منافسا شرسا على اللقب وقدّم كرة قدم مبهجة للجماهير لكن مع مرور الوقت تحول الفريق إلى أكثر تحفظا خاصة في موسم 2023-2024 حيث أصبح التركيز على إغلاق المساحات واستغلال الكرات الثابتة وها هو نفس الأسلوب يتكرر هذا الموسم رغم التعاقدات الضخمة
جماهير غاضبة ونقاد ساخطون
الصحافة الإنجليزية وخاصة النقاد مثل جون كروس أشاروا إلى أن أرتيتا بهذا الأسلوب قد يضيع على أرسنال فرصة التتويج بالدوري لأول مرة منذ عقدين تقريبا الجماهير أيضا بدأت تفقد صبرها لأنها ترى أن الفريق يملك الأدوات اللازمة لمهاجمة أي منافس لكن المدرب لا يريد ترك الحذر جانبا وهذا ما جعل المقارنة مع مانشستر سيتي وليفربول واضحة حيث يهاجم هذان الفريقان بجرأة أكبر
ماذا بعد؟
أرسنال الآن خلف ليفربول بخمس نقاط ومع وجود منافسين أقوياء مثل مانشستر سيتي وتوتنهام فإن أي تعثر آخر قد يُنهي حلم الدوري مبكرا أمام أرتيتا خياران إما أن يواصل أسلوبه الحذر ويخاطر بخسارة اللقب أو أن يترك العنان للاعبيه لاستغلال قدراتهم الهجومية وتحقيق الانتصارات في المباريات الكبيرة
الخاتمة
ميكيل أرتيتا مدرب شاب أثبت أنه قادر على إعادة أرسنال إلى الواجهة لكنه الآن في اختبار حقيقي فالموسم الحالي ليس موسم بناء أو تطوير بل موسم حصد الألقاب إذا استمر في الحذر المبالغ فيه قد يُتهم بأنه السبب المباشر في ضياع حلم اللقب من أرسنال أما إذا تجرأ وترك الحذر جانبا فقد يقود الفريق لتحقيق المجد الغائب منذ سنوات طويلة