
بداية موسم صعب للمارسيليين
يعيش نادي أولمبيك مارسيليا الفرنسي بداية موسم معقدة للغاية حيث تراكمت الضغوط على الفريق بعد التغييرات الكبيرة في صفوفه خلال فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة ومع وصول المدرب الإيطالي روبرتو دي زيربي إلى القيادة الفنية وجد النادي نفسه أمام تحديات ضخمة أبرزها محاولة خلق انسجام سريع بين مجموعة كبيرة من اللاعبين الجدد وفي الوقت نفسه الاستعداد لخوض منافسات دوري أبطال أوروبا التي يعود إليها الفريق بعد فترة من الغياب
التغييرات الجذرية في التشكيلة
خلال الميركاتو الصيفي عمل رئيس النادي بابلو لونغوريا إلى جانب المدير الرياضي المغربي مهدي بنعطية على إعادة تشكيل جزء كبير من قوام الفريق حيث تم استقدام عدة لاعبين جدد ورحيل آخرين في إطار محاولة تحسين التوازن المالي والفني للنادي ورغم أن هذه الاستراتيجية تهدف من وجهة نظر الإدارة إلى رفع المستوى وإعادة بناء مشروع تنافسي إلا أن كثرة التغييرات المستمرة جعلت من الصعب على الجماهير والمراقبين تكوين رابط عاطفي مع الفريق إذ يجد المشجع نفسه في كل موسم أمام مجموعة شبه جديدة من اللاعبين
غضب الجماهير وصوت النقاد
الجماهير المارسيلياوية التي تعتبر من الأكثر شغفاً في أوروبا لم تخف قلقها من هذا المسار الذي تسير فيه الإدارة إذ يرى الكثيرون أن الفريق فقد هويته بسبب التغييرات المتكررة التي تمنع خلق استقرار طويل الأمد ويزيد من صعوبة المهمة على المدرب الجديد ووسط هذه الأجواء المتوترة خرج المدافع الدولي الفرنسي السابق إريك دي ميكو بتصريحات قوية عبر إذاعة RMC حيث هاجم بقسوة استراتيجية النادي وأكد أن أولمبيك مارسيليا بصفته ثاني أكبر ميزانية في فرنسا يجب أن يكون في مركز الوصافة بسهولة في كل موسم لكنه اعتبر أن ما يحدث داخل النادي يمثل أزمة عميقة لا تقتصر على النتائج فحسب
تصريحات إريك دي ميكو
قال دي ميكو إن المشجع بطبيعته يريد الارتباط بلاعبيه والعيش معهم لحظات الانتصار والهزيمة لكنه يشعر اليوم بمعاناة لأنه لم يعد بإمكانه التعرف على الفريق الذي يتغير بشكل كامل تقريباً كل موسم وأوضح أن ملعب فيلودروم سيظل ممتلئاً لأنه مكان أسطوري ولأن حضور المباريات أصبح تجربة اجتماعية بحد ذاته لكن في المقابل فإن العديد من المشجعين بدأوا في الابتعاد عاطفياً عن الفريق بسبب انعدام الاستقرار كما أضاف أن إدارة النادي تقول الشيء وضده وأن هدفها الأساسي يبدو أنه مالي أكثر منه رياضي مؤكداً أن الوضع لم يعد محتملاً بالنسبة للجماهير التي فقدت صبرها
دي زيربي تحت المجهر
المدرب الإيطالي روبرتو دي زيربي الذي جاء إلى مارسيليا بخبرات سابقة ناجحة في الدوري الإنجليزي مع برايتون وجد نفسه في قلب العاصفة إذ كان من المفترض أن يجلب هدوءاً واستقراراً تكتيكياً للفريق إلا أن بداياته شهدت بعض المواقف المثيرة للجدل على غرار سلوكه الانفعالي في مواجهة ليون وهو ما اعتبره النقاد عكس ما كان مطلوباً من مدرب جديد يسعى لبناء الثقة داخل المجموعة ويطالب البعض بضرورة أن يتعامل دي زيربي مع الضغوط بحكمة أكبر لأن استمرار التوتر قد يؤدي إلى نتائج وخيمة على المدى القصير والمتوسط
الدور المثير للجدل لبنعطية ولونغوريا
مهدي بنعطية الذي تم استقدامه من قبل الإدارة ليضطلع بدور المدير الرياضي وجد نفسه بدوره في مرمى الانتقادات حيث اتهمته بعض وسائل الإعلام الفرنسية بالمساهمة في تدمير هوية النادي من خلال سياسة بيع وشراء اللاعبين بوتيرة عالية وبما يتماشى مع رؤية رئيس النادي بابلو لونغوريا الذي يتبنى استراتيجية تجارية قائمة على الاستفادة المالية من الانتقالات ورغم أن بنعطية يمتلك تجربة كبيرة كلاعب دولي إلا أن مشواره في التسيير الرياضي ما يزال في بدايته وهو ما يزيد من صعوبة موقفه أمام جماهير تطالب بنتائج سريعة وهوية واضحة لفريقها
التحديات المقبلة في الدوري ودوري الأبطال
مع انتهاء فترة التوقف الدولي يجد أولمبيك مارسيليا نفسه أمام تحدٍ حاسم يتمثل في مواجهة نادي لوريان في الدوري الفرنسي وهي مباراة قد تشكل محطة فاصلة في تحديد مسار الفريق خلال الأسابيع القادمة خاصة وأن الفريق مقبل على مباريات صعبة في دوري أبطال أوروبا حيث يواجه خصوماً أقوياء يتطلب التغلب عليهم تماسكاً وانسجاماً أكبر مما يظهر عليه الفريق حالياً وفي ظل الأجواء المشحونة التي يعيشها النادي فإن أي تعثر جديد قد يزيد من الضغوط على الإدارة والجهاز الفني وربما يدفع الجماهير إلى تصعيد غضبها
الأزمة بين الطموحات والواقع
إدارة مارسيليا ترفع دائماً شعارات المنافسة على الألقاب والعودة إلى الواجهة الأوروبية لكن الواقع يظهر أن النادي لا يزال يعاني من مشاكل هيكلية تتعلق بالاستقرار الفني والإداري إذ لا يمكن لأي مشروع رياضي أن ينجح في ظل تغيير ما يقرب من نصف الفريق في كل موسم إضافة إلى الضغوط الاقتصادية التي تجعل الإدارة مضطرة لبيع بعض النجوم كلما تلقت عروضاً مغرية هذه المفارقة بين الطموحات الكبيرة والواقع المضطرب هي ما يغذي حالة الغضب لدى النقاد والمشجعين على حد سواء
أولمبيك مارسيليا يقف حالياً عند مفترق طرق حاسم فإما أن تنجح الإدارة بقيادة مهدي بنعطية وروبرتو دي زيربي في إعادة بناء الاستقرار والثقة وإقناع الجماهير بمشروع طويل الأمد أو أن يستمر النادي في دوامة التغييرات العشوائية التي قد تدمر هوية الفريق وتبعده عن المنافسة الحقيقية على الألقاب المستقبل القريب سيحسم الإجابة خصوصاً مع بداية مشوار دوري الأبطال الذي سيضع الجميع أمام امتحان صعب يكشف مدى جاهزية النادي لمواجهة كبار أوروبا