
في مباراة مثيرة احتضنها ملعب البشير بالمحمدية ضمن منافسات الجولة الخامسة من البطولة الاحترافية الأولى المغربية، نجح فريق أولمبيك الدشيرة في تحقيق فوز ثمين على حساب اتحاد يعقوب المنصور بهدف دون مقابل ليؤكد مرة أخرى أن هذا الفريق، الذي لطالما تم التقليل من شأنه، قادر على مقارعة الكبار وتحقيق نتائج مبهرة رغم قلة الإمكانيات مقارنة ببعض الفرق الكبرى في البطولة
بداية حذرة وفرص ضائعة من الجانبين
انطلقت المباراة بوتيرة متوسطة حيث بدا الحذر واضحًا على أداء الفريقين في الدقائق الأولى فكل طرف كان يخشى تلقي هدف مبكر قد يربك حساباته خاصة أن الفريقين يعرفان بعضهما جيدًا وقد سبق أن التقيا في أكثر من مناسبة في المواسم السابقة وتبادل السيطرة على مجريات اللعب دون فاعلية هجومية حقيقية إلى أن جاءت الدقيقة الحادية عشرة حين سنحت أول فرصة خطيرة لاتحاد يعقوب المنصور بعد كرة رأسية قوية من المهاجم بالوق لكن الحارس إدّار أنقذ الموقف بتدخل رائع حافظ به على نظافة شباكه
تحوّل السيطرة إلى أبناء الدشيرة
بعد تلك المحاولة استعاد أولمبيك الدشيرة زمام المبادرة وسيطر على خط الوسط بفضل تحركات لاعبيه السريعة وانسجامهم التكتيكي الواضح وأتيحت لهم فرصة حقيقية في الدقيقة السابعة والعشرين بعد هجمة منظمة وسريعة قادها الخط الأمامي للفريق وانتهت بانفراد اللاعب أبردي بالحارس صياد الذي تصدى ببراعة محرمًا الفريق السوسي من هدف محقق ومع تواصل الضغط الدشيري حاول يعقوب المنصور الرد بهجمات مرتدة سريعة خصوصًا من الجهة اليمنى لكن الخط الدفاعي لأولمبيك الدشيرة كان منظمًا وناجحًا في إغلاق كل المساحات
خطأ قاتل كاد يكلف أولمبيك الدشيرة الهدف الأول
في الدقيقة الرابعة والثلاثين ارتكب الحارس إدّار خطأ كاد يكون فادحًا عندما حاول إبعاد كرة عرضية بطريقة خاطئة لتسقط أمام المهاجم جبرون الذي وجد نفسه في وضعية مثالية للتسجيل لكنه أطاح بالكرة بعيدًا عن المرمى وسط ذهول زملائه ليضيع على فريقه هدفًا كان من الممكن أن يغير مجرى اللقاء لينتهي الشوط الأول بتعادل سلبي رغم المحاولات المتكررة من الجانبين
شوط ثانٍ أكثر حماسًا وتغييرات مؤثرة
مع انطلاق الشوط الثاني بدت نية الفريقين واضحة في البحث عن هدف التقدم حيث بادر أولمبيك الدشيرة بالهجوم والضغط على مناطق اتحاد يعقوب المنصور معتمدًا على الأطراف وسرعة لاعبيه كما أجرى المدرب عبد الرحيم السعيدي بعض التغييرات التي منحت حيوية إضافية للهجوم خصوصًا بعد دخول أيوب بعدي القائد المميز الذي أعطى دفعة معنوية لزملائه وفي المقابل حاول مدرب اتحاد يعقوب المنصور تعديل الكفة بإجراء تغييرات هجومية فعالة أدت إلى انتعاش الخط الأمامي الذي خلق فرصتين واضحتين عن طريق المنصوري والزبيري لكن الحارس إدّار ظل في الموعد بتدخلات ناجحة أنقذت فريقه من أهداف محققة
البطاقة الحمراء تقلب موازين اللقاء
وفي الدقيقة السابعة والثمانين تلقى الفريق الرباطي ضربة موجعة بعدما أشهر الحكم شرحبيل البطاقة الحمراء في وجه اللاعب لكنيدي إثر تدخل قوي في وسط الميدان ما جعل اتحاد يعقوب المنصور يُكمل اللقاء بعشرة لاعبين فقط هذا النقص العددي منح أولمبيك الدشيرة أفضلية واضحة في الدقائق الأخيرة حيث زاد ضغطه الهجومي وخلق عدة فرص أخطرها تسديدة قوية اصطدمت بالعارضة في الدقيقة التسعين إثر تصويبة محكمة من المهاجم عبدي الذي أربك الدفاع الرباطي طوال اللقاء
هدف قاتل في الوقت بدل الضائع
وفي الوقت الذي كانت فيه المباراة تتجه نحو التعادل السلبي خطف أولمبيك الدشيرة هدفًا ثمينًا في الدقيقة الرابعة من الوقت بدل الضائع عندما استغل القائد أيوب بعدي كرة مرتدة داخل منطقة الجزاء ليسكنها الشباك ببراعة مطلقة وسط فرحة كبيرة للاعبين والجهاز الفني والجماهير التي تابعت اللقاء لتصبح النتيجة هدفًا لصفر ويحقق الفريق فوزه الثاني على التوالي في البطولة مؤكدًا أنه يسير بثبات نحو موسم مميز
أداء جماعي وروح قتالية عالية
ما ميز أداء أولمبيك الدشيرة في هذه المواجهة هو التنظيم التكتيكي الكبير والانضباط الدفاعي وروح القتال الجماعية فالفريق لم يعتمد على النجم الواحد بل كان أداء المجموعة هو السلاح الحقيقي حيث أظهر اللاعبون التزامًا تكتيكيًا نادرًا وحافظوا على تركيزهم حتى الدقائق الأخيرة وهو ما جعلهم يستحقون الفوز عن جدارة كما أن المدرب عبد الرحيم السعيدي بدا أكثر اتزانًا في قراراته هذه المرة وقرأ المباراة بذكاء كبير من خلال ضبط الإيقاع واستغلال ضعف الخصم بعد الطرد
فريق يُستهان به لكنه لا يتوقف عن المفاجآت
يُجمع المتابعون على أن أولمبيك الدشيرة فريق دائمًا ما يُستهان به في البطولة الاحترافية لكن نتائجه في المواسم الأخيرة تؤكد أنه من أكثر الأندية استقرارًا وتطورًا رغم ضعف الموارد المادية مقارنة ببعض المنافسين فهو يعتمد على مدرسة كروية صاعدة وعلى لاعبين موهوبين يمنحون كل ما لديهم داخل الميدان وقد برهن الفريق مرة أخرى في مباراة يعقوب المنصور أنه لا يخشى اللعب خارج قواعده وأنه قادر على قلب الموازين في أي لحظة وهذه الروح هي ما جعلت منه خصمًا صعبًا أمام كل الأندية الكبرى في المغرب
تصريحات المدرب وردود الفعل بعد المباراة
بعد نهاية اللقاء عبّر المدرب عبد الرحيم السعيدي عن سعادته الكبيرة بهذا الفوز مشيرًا إلى أن الفريق كان يستحق أكثر من هدف واحد بالنظر إلى الفرص العديدة التي سنحت له وأضاف أن الانتصار جاء نتيجة عمل جماعي وجهود كبيرة من كل اللاعبين كما شدد على أن الفريق لا يلتفت إلى من يستهين به بل يواصل العمل بصمت وإصرار لأن هدفه هو تقديم كرة قدم محترمة تليق بجماهيره الوفية أما على الجانب الآخر فقد أبدى مدرب اتحاد يعقوب المنصور أسفه لضياع النقاط معترفًا بأن النقص العددي في الدقائق الأخيرة أثر بشكل مباشر على أداء لاعبيه
وضعية الفريقين في جدول الترتيب
بهذا الفوز رفع أولمبيك الدشيرة رصيده إلى ست نقاط من أصل خمس مباريات متقدمًا بثبات في منتصف الترتيب بينما تجمد رصيد اتحاد يعقوب المنصور عند نقطتين فقط ما يزيد من معاناته في أسفل الجدول ويجعل الضغط أكبر على الجهاز الفني لتصحيح المسار في المباريات المقبلة خاصة وأن الفريق قدم أداءً جيدًا في فترات من اللقاء لكنه افتقد التركيز والحسم في اللحظات الحاسمة
أهمية الفوز من الناحية المعنوية
الفوز خارج الديار دائمًا ما يحمل طابعًا خاصًا في البطولة المغربية فهو يمنح الثقة والجرأة للاعبين ويُثبت أن العمل الفني والتكتيكي يسير في الاتجاه الصحيح وقد أكد أيوب بعدي قائد أولمبيك الدشيرة بعد المباراة أن هذا الانتصار له طعم خاص لأنه تحقق في ظروف صعبة وضد خصم محترم مضيفًا أن الفريق سيواصل بنفس الروح لتحقيق المزيد من النتائج الإيجابية وأن اللاعبين متحمسون للذهاب بعيدًا هذا الموسم
الدروس المستخلصة من اللقاء
أظهرت المباراة أن أولمبيك الدشيرة أصبح أكثر نضجًا في التعامل مع فترات اللقاء وأن الفريق لا يتأثر بالضغط أو اللعب خارج أرضه كما برهنت على أن الطموح والعزيمة يمكن أن تعوّضا الفوارق المالية والتجهيزية بين الأندية كما أن اتحاد يعقوب المنصور رغم خسارته أبان عن مقومات فريق قادر على خلق المتاعب لأي خصم متى ما حافظ على تركيزه الدفاعي واستغل فرصه بشكل أفضل
انتصار أولمبيك الدشيرة على اتحاد يعقوب المنصور بهدف دون رد يُعد من أهم النتائج في بداية الموسم لأنه جاء خارج الميدان وضد فريق عنيد وفي وقت بدأت فيه ملامح التوازن تظهر على الفريق السوسي الذي يبرهن موسمًا بعد آخر أنه ليس مجرد فريق صغير كما يحلو للبعض أن يصفه بل كيان كروي منظم يمتلك طموحًا ورغبة في إثبات الذات وقد أصبح نموذجًا للفرق التي تُقاتل بشرف وتنتزع احترام الجميع في البطولة المغربية