الدوري المغربي الممتاز

تأهل فريقين من جهة سوس ماسة إلى منافسات البطولة الاحترافية المغربية: إنجاز تاريخي لكرة القدم بالجهة

تمثلت جهة سوس ماسة هذا الموسم باثنين من أعرق أنديتها في المنافسات الوطنية، بعد صعود أولمبيك الدشيرة وحسنية أكادير إلى الدوري المغربي للمحترفين (البطولة الوطنية للمحترفين – القسم الأول) للموسم المقبل 2025–2026. يُعد هذا الإنجاز تتويجًا لمسيرة طويلة من العمل الجاد والتضحيات، ويعكس مكانة كرة القدم في الجهة والاهتمام الكبير الذي تحظى به بين الجماهير المحلية.

أولمبيك الدشيرة فوتبول: حلم يتحقق

نشأ أولمبيك الدشيرة فوتبول قبل سنوات في بلدية الدشيرة– كنادٍ شعبي يعتمد منذ البداية على قاعدة واسعة من الشباب الشغوف بكرة القدم. لقد صعد الفريق إلى القسم الثاني قبل عدة مواسم وظل يحقق تقدماً تدريجياً بفضل عزيمته وإصراره. وفي هذا الموسم، تأهل الفريق إلى مسابقة البلاي أوف، وتمكن في مباراة العودة يوم الجمعة 30 مايو من الفوز على شباب السوالم الرياضي (3-0)، ليظفر في النهاية ببطاقة الصعود إلى البطولة الاحترافية (البطولة الوطنية القسم الأول) للموسم المقبل.

يعتبر الصعود إنجازًا تاريخيًا بالنسبة لأولمبيك الدشيرة، الذي سيواجه تحديات أقوى على الصعيد الوطني. إعداد الفريق لموسم الاحتراف اقتضى تعزيز صفوفه ببعض اللاعبين المتمرسين تأهيلاً للعب بقوة في القسم الأول، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية للمركب الرياضي بالمدينة، وتوفير الدعم التقني والطبي للفريق. الجماهير المحلية استقبلت الخبر بفرحة عارمة، حيث تزخر الدشيرة بعشاق متعصبين يعشقون مبادئ اللعب النظيف والروح القتالية.

حسنية أكادير: دروٌ متواصل في سماء كرة القدم المغربية

من جانب آخر، يُعد حسنية أكادير أحد أندية المغرب التاريخية . لكنه في الموسم الماضي كاد أن يودّع البطولة الاحترافية، حيث اضطر لخوض مباراة “البلاي أوف” للبقاء بين الكبار. وبعد معاناة واضحة في موسم 2024–2025، حافظ الفريق بفضل خبرة مدربه والتماسك الفني على بقائه ولجأ لمعالجة نقاط الضعف قبل انطلاق الموسم المقبل.

صعود الجهة ووعد بـ”ديربي سوسي” ناري

بهذا الصعود المزدوج لأولمبيك الدشيرة وحسنية أكادير، تشهد جهة سوس ماسة احتفاءً غير مسبوق بإنجاز رياضي يعزز من مكانتها في الخارطة الكروية المغربية. فالمدن والقرى الممتدة بين الدشيرة وأكادير احتفلت هذه الأيام بأعلام الفريقين، إذ أصبحا رمزًا للفخر والاعتزاز بالهوية المحلية. كما سيتيح هذا الصعود إقامة ما يُعرف بـ**”ديربي سوسي”** لأول مرة في مسرح الاحتراف المغربي؛ حيث يلتقي الفريقان تحت أنظار جماهير متعطشة للمنافسات القوية والحماسية.

من المنتظر أن تتزين المدرجات بألوان القميصين الأحمر والأسود (لحسنية أكادير) والأخضر (لأولمبيك الدشيرة)، فيما ستكتظ المنصات الجماهيرية برائحة الأهازيج والاحتفالات الشعبية. سياسيًا واجتماعيًا، يُعتبر هذا الديربي فرصة لتوحيد سكان الجهة على حبّ كرة القدم وإحياء التقاليد المحلية في التشجيع. كما سيحفّز الطرفين على بذل جهد إضافي لتحقيق أفضل النتائج، نظرًا لقيمة الفوز أمام الغريم الإقليمي وتداعياته على صورة الناديَين وقاعدتَيهما الجماهيريتَين.

الأثر التنموي والاجتماعي والصحي

عكست نجاحات أولمبيك الدشيرة وحسنية أكادير أهمية الاستثمار في كرة القدم كرافعة تنموية في جهة سوس ماسة. فتأهيل الملاعب، وتكوين الشباب في الأكاديميات، وتحسين البنيات الأساسية للخدمات الرياضية، أتاح للشباب المحلي الانخراط في أنشطة صحية رياضية تساهم في تقليص البطالة وتحفيزهم على العمل الجماعي. وقد نظّم الناديان دوريات ناشئين ومباريات ودية مع فرق قريبة لتحفيز المزيد من المواهب على الإبداع الكروي.

إداريًا، استفادت بلديات الدشيرة وأكادير من دعم سلطات الجهة والقروية لتعزيز مرافق التدريب وتوفير الموارد اللوجيستية اللازمة للفريقَين. كما رافقت هذه الإنجازات زيارات مسؤولين جهوّيّين ووطنّيّين لتكريم اللاعبين والطاقم التقني وتعزيز التواصل بين القطاعين الرياضي والثقافي والاجتماعي.

تحديات الاحتراف واستشراف المستقبل

مع انطلاق موسم البطولة الاحترافية 2025–2026، يواجه الفريقان تحديات كبيرة: تجنيد لاعبين جدد ذوي خبرة، والاستعداد الفني والبدني لمواجهة فرق عريقة. كما سيتوجب على الجهازين التقني والإداري الحفاظ على التوازن المالي، وتوفير الشروط الصحية والطبية المثلى للاعبين. لكنّ تشبّث الجماهير بأنديتهم يجعل المسؤولين أكثر حرصًا على تقديم أفضل الدعم الممكن لضمان الاستمرارية والظهور بمظهر مشرف في المنافسات.

إن الصعود المشترك لأولمبيك الدشيرة وحسنية أكادير لا يعتبر حدثًا رياضيًا فحسب، بل هو رأس جسر يربط بين الماضي التاريخي للكرة الجهوية والأولويات المستقبلية؛ فالتكامل بين تكوين المواهب المحلية والتعاقد مع نجوم مخضرمين سيعزز فرص نجاح الأندية وتمثيل جهة سوس ماسة في المحافل المغربية والأفريقية. ولا شك أن ديربي سوسي المرتقب سيمثل اختبارًا للوحدة التنافسية والروح الرياضية التي يتمتع بها سكان المنطقة.

في الختام، إن احتضان جهة سوس ماسة لمنافسات البطولة الاحترافية من خلال فريقَين قويَّيْن، واستعداد الجماهير لما سيحمله الديربي من إثارة، يؤشر على أن كرة القدم تلعب دورًا حيويًّا في التواصل الاجتماعي والتنمية المحلية. وعلى الرغم من الضغوط والمسؤوليات الملقاة على عاتق القائمين على الناديَين، إلا أن شغف الجماهير وثقتهم تشكل الدافع الأكبر لضمان مستقبل مشرق للكرة السوسيَّة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى