
شخصية مغمورة بخلفية أوروبية وتجربة إفريقية محدودة
سيباستيان سومّاكال اسم غير مألوف لدى جماهير الرجاء البيضاوي وحتى لدى معظم المتابعين للشأن الكروي الإفريقي ورغم ذلك قرر مجلس إدارة نادي الرجاء منحه مسؤولية بالغة الأهمية حيث تم تعيينه رسميًا في 21 يوليوز 2025 مديرًا رياضيًا للنادي في خطوة تؤشر على نية واضحة لإعادة الاعتبار إلى التكوين داخل النادي وبناء مشروع رياضي متماسك وطموح على المدى المتوسط والبعيد لكن هل يمتلك سومّاكال فعلا المقومات اللازمة للنجاح في هذا المنصب؟
ما الفرق بين المدير الرياضي والمدير التقني؟
قبل تقييم مدى قدرة سيباستيان سومّاكال على النجاح في مهمته يجب أولًا التمييز بين وظيفتين غالبًا ما يتم الخلط بينهما داخل الأندية الإفريقية وهما المدير الرياضي والمدير التقني فالأول يتكفل بالتخطيط الاستراتيجي للمنظومة الكروية داخل النادي من حيث سياسة الانتدابات وبناء الفريق الأول والتنسيق بين مختلف المكونات أما المدير التقني فمهامه ترتبط أكثر بالشق الفني والتكويني وتشمل تطوير الفئات السنية وتنفيذ فلسفة لعب واضحة وتكوين المدربين
مع ذلك وفي كثير من السياقات خاصة داخل الأندية الإفريقية يتم الجمع بين الوظيفتين في إطار هيكلة غير تقليدية وهو على الأرجح الوضع الذي سيعيشه سومّاكال في الرجاء إذ سيكون ملزمًا بالقيام بوظائف مزدوجة تجمع بين الجانب الإداري والتقني
مؤهلات أكاديمية وتجارب ميدانية في تونس
من الناحية الأكاديمية يعتبر سومّاكال خريجًا متميزًا حيث حصل على شهادة الدولة الفرنسية كمدرب رياضي وكان الأول على دفعته كما أنه يحمل رخصة التدريب الأوروبية “UEFA A” وقد بدأ مسيرته المهنية داخل مركز التكوين بنادي بوردو الفرنسي المعروف بجودة تكوينه للاعبين الشبان
لكن الأهم هو تجاربه على الساحة الإفريقية فقد اشتغل كمدير تقني بنادي النجم الساحلي من 2015 إلى 2017 ثم كمدير رياضي بنادي النادي البنزرتي من يوليو 2023 إلى ماي 2024 وحسب بيانات منصة “Transfermarkt” فقد أشرف على ما لا يقل عن 137 حركة انتقال للاعبين خلال فتراته المختلفة بتونس سواء تعلق الأمر بانتدابات أو إعارات أو تسريحات أو ترقيات من فئة الشباب للفريق الأول
نتائج متباينة وتجربة غير خالدة في الذاكرة التونسية
في النادي البنزرتي أدار سومّاكال 61 صفقة خلال موسم واحد شملت 29 لاعبًا جديدًا و32 مغادرًا وكان المعدل العمري للمنتدبين لا يتجاوز 22 عامًا في مؤشر على استراتيجيته المرتكزة على الشباب ورغم ذلك لم يحقق الفريق نتائج كبيرة مكتفيًا بالمركز الرابع في البطولة وخسارة نهائي الكأس بينما تراجع أداؤه بعد رحيله إلى المركز التاسع
أما في تجربته الأبرز مع النجم الساحلي فقد حقق نتائج مميزة شملت الفوز بكأس الكونفدرالية الإفريقية وبلوغ نهائي السوبر الإفريقي إلى جانب التتويج بالدوري المحلي كما ساهم في صفقات بارزة أبرزها بيع بغداد بونجاح إلى السد القطري مقابل 3.5 مليون يورو
لكن هذه النجاحات لم تمنع بعض الأصوات التونسية من التقليل من تأثيره واعتبار مروره غير مؤثر بشكل كبير وهو ما يطرح تساؤلات حول قدرته على التكيف مع البيئة الإفريقية التي تتطلب مهارات تفاوضية وعلاقات واسعة إضافة إلى المعرفة التقنية
شبكة علاقات محدودة وسياق رجاوي معقد
أحد التحديات الكبرى التي تنتظر سيباستيان سومّاكال في المغرب يتمثل في افتقاره لشبكة علاقات قوية على المستوى المحلي والقاري وهي نقطة ضعف حرجة بالنظر إلى خصوصية سوق الانتقالات في إفريقيا حيث تلعب العلاقات دورًا محوريًا في إبرام الصفقات
ويزداد الضغط عليه داخل نادٍ مثل الرجاء يتميز بقاعدة جماهيرية ضخمة وشغوفة ومطالب آنية بالنتائج إلى جانب طموحات مرتبطة بإعادة هيكلة قطاع التكوين وتكوين فريق قادر على المنافسة قاريا
دعم مالي واستثمار وطني في المشروع الرياضي
تجدر الإشارة إلى أن مجلس إدارة الرجاء وفر ظروفًا واعدة لنجاح مشروع سومّاكال خاصة مع دخول مستثمر من حجم “مرسى ماروك” وتفعيل الشركة الرياضية مما يعني توفر ميزانية مريحة للتعاقدات وإعادة هيكلة النادي لكن هذه الموارد تبقى غير كافية إن لم ترافقها رؤية واضحة وقرارات مدروسة
وفي هذا الإطار فإن نجاح سومّاكال سيعتمد على قدرته على الاستفادة من خبراته الأوروبية والتونسية مع سرعة التكيف مع الواقع المغربي وتكوين نواة صلبة من اللاعبين تترجم طموحات الرجاء وتعيد له بريقه
خاتمة
الرهان على سيباستيان سومّاكال هو بلا شك مغامرة محفوفة بالمخاطر لكنها قد تتحول إلى قصة نجاح إذا ما تمكن الرجل من فرض نفسه داخل محيط جديد ومعقد وتقديم نتائج ملموسة على الميدان وفي مراكز التكوين الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على هذا السؤال