
في خطوة لافتة خلال سوق الانتقالات الصيفية فاجأ المدرب الجنوب إفريقي رولاني موكوينا المتابعين بقراره الإشراف على العارضة الفنية لنادي مولودية الجزائر أحد أعرق الأندية الجزائرية والعربية والخطوة التي جاءت بعد تجربة قصيرة في المغرب مع نادي الوداد الرياضي أثارت العديد من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذه الموافقة خصوصا أن المدرب البالغ من العمر 38 عاما كان حتى وقت قريب ضمن أبرز الأسماء التدريبية في القارة الإفريقية بفضل نتائجه الاستثنائية مع ماميلودي صنداونز الجنوب إفريقي وأسلوبه التكتيكي المتطور الذي جلب له إشادات واسعة من الإعلام والمحللين والمراقبين في تصريحات نشرها الحساب الرسمي لنادي مولودية الجزائر على موقع فيسبوك أكد موكوينا أن العامل الجماهيري كان حاسما في اتخاذه قرار قبول العرض حيث صرح قائلا جمهور مولودية الجزائر شغوف إلى أبعد الحدود ويظهر دعما هائلا للنادي وأضاف لقد تلقيت كما هائلا من الرسائل والتعليقات من الأنصار وبصراحة شعرت بالدهشة من هذا الحب الكبير الأجواء هنا استثنائية بحق وهذا أحد أبرز الأسباب التي دفعتني للموافقة على تدريب الفريق فهذه الطاقة الإيجابية لا يمكن تجاهلها خاصة عندما يشعر المدرب أن الجماهير تعتبره جزءا من مشروعها الرياضي والاجتماعي
السياق العام للصفقة: ما وراء الكواليس
جاء إعلان تعيين رولاني موكوينا على رأس الجهاز الفني لمولودية الجزائر خلفا للمدرب التونسي خالد بن يحيى الذي لم تدم فترته طويلا مع النادي العاصمي وسط موجة من التغيير والتجديد التي يعيشها النادي في الآونة الأخيرة ويبدو أن إدارة المولودية كانت تبحث عن اسم شاب طموح يمتلك فلسفة تدريبية حديثة وقادرا على استثمار الطاقات الموجودة داخل التشكيلة الحالية وإعادة الفريق إلى منصة التتويجات المحلية والقارية وكان موكوينا محط اهتمام أندية أخرى في شمال إفريقيا خلال الفترة الأخيرة من بينها نادي بيراميدز المصري الذي أرسل وفدا رسميا إلى جنوب إفريقيا للتفاوض معه إلا أن العرض الجزائري كان الأكثر إقناعا سواء من حيث المشروع الرياضي أو البيئة الحماسية المحيطة بالنادي وقد تكون نقطة الالتقاء بين تطلعات الإدارة وخبرة المدرب الشاب في التعامل مع الضغوطات أحد العوامل التي رجحت كفة المولودية
تجربة موكوينا مع الوداد: محطة قصيرة بتقييم مزدوج
قبل التحاقه بمولودية الجزائر خاض موكوينا تجربة غير موفقة نسبيا مع نادي الوداد الرياضي المغربي حيث أشرف على الفريق في 35 مباراة فقط حقق خلالها 14 انتصارا مقابل 14 تعادلا وتعرض للهزيمة في 7 مناسبات هذه الأرقام وإن بدت متوازنة فإنها لم تكن كافية لإرضاء جماهير الوداد التي تعودت على النتائج القوية والمنافسة على كل الألقاب ويبدو أن المدرب الشاب لم يجد التوليفة المناسبة داخل التشكيلة الودادية كما واجه ضغوطا داخلية وخارجية أثرت على مردود الفريق في عدة مواجهات حاسمة ليتم في نهاية المطاف فسخ التعاقد بين الطرفين بالتراضي حسب بيان مشترك صدر عن النادي المغربي والمفارقة أن هذه التجربة القصيرة ساهمت في تعزيز قناعة موكوينا بضرورة العودة إلى مشروع تدريبي يتماشى مع قناعاته الفنية وهو ما وجده حسب قوله في مولودية الجزائر
النجاحات مع صنداونز: من المحلية إلى المجد القاري
الاسم الحقيقي لرولاني موكوينا بدأ يلمع على الساحة الإفريقية خلال فترة إشرافه على نادي ماميلودي صنداونز الجنوب إفريقي حيث قاد الفريق لتحقيق سلسلة من النجاحات على المستويين المحلي والقاري ففي فترة ولايته حصد الفريق لقب الدوري الجنوب إفريقي في أربع مناسبات متتالية وفرض سيطرته على المشهد الكروي المحلي بفضل منظومة لعب جماعية وهجومية تعتمد على الاستحواذ والضغط العالي لكن الإنجاز الأبرز كان قيادة الفريق إلى الفوز بلقب الدوري الإفريقي الممتاز في نسخته الأولى ليضع بذلك اسمه ضمن قائمة المدربين الذين بصموا على إنجازات تاريخية في القارة السمراء وتعود أسباب نجاح موكوينا إلى دراسته المتعمقة لأساليب اللعب العالمية واعتماده على التحليل الرقمي والبيانات المتقدمة في تقييم أداء لاعبيه وتطوير مخططات اللعب ما جعله نموذجا للمدرب الإفريقي العصري الذي يجمع بين الكفاءة التقنية والرؤية الإستراتيجية
طموحات مستقبلية مع مولودية الجزائر
بتوقيعه مع مولودية الجزائر يدخل موكوينا تحديا جديدا يختلف في معطياته عن تجاربه السابقة فهو الآن أمام جمهور لا يقبل إلا بالانتصار وإدارة تطمح إلى إعادة الفريق إلى الواجهة بعد سنوات من التذبذب الفني والمؤسساتي ومن جهته يبدو المدرب الجنوب إفريقي واعيا بحجم المهمة حيث أكد في تصريحاته أنه سيبذل كل ما في وسعه لإعادة بناء فريق تنافسي قادر على مقارعة الكبار محليا وقاريا وقد باشر بالفعل وضع خطة عمل تشمل التقييم الفني للمجموعة الحالية من اللاعبين والتعاقد مع عناصر جديدة قادرة على تنفيذ فلسفته التكتيكية وتماشيا مع تطلعات الإدارة والجمهور سيتم التركيز أيضا على تطوير قطاع التكوين وضمان استدامة المشروع الرياضي عبر ضخ دماء جديدة في التشكيلة الأولى ومواصلة الاستفادة من التراكمات الإيجابية التي يعرفها النادي من الناحية التنظيمية والبنية التحتية
موكوينا في الجزائر: بداية جديدة أم منعطف حاسم؟
لا شك أن خطوة موكوينا نحو الدوري الجزائري تمثل منعطفا مهما في مسيرته التدريبية فبين ضغوطات النتائج السريعة وانتظارات الجماهير المتعطشة للتتويجات يبقى التحدي الأكبر بالنسبة له هو إثبات قدرته على التأقلم مع الخصوصيات المحلية من حيث النسق الكروي والجانب الذهني للاعب الجزائري كما سيكون مطالبا ببناء علاقة قوية مع غرفة الملابس وتحقيق الانسجام داخل التشكيلة التي عرفت في السنوات الأخيرة عدة تغييرات جذرية وفي ظل الرغبة الكبيرة التي أبداها موكوينا للتفاعل مع المشروع الرياضي لنادي مولودية الجزائر فإن التحدي يبدو محفوفا بالمخاطر ولكن أيضا غنيا بالفرص فالنجاح هنا قد يفتح له أبوابا أوسع في شمال إفريقيا وربما يمنحه تأشيرة العودة إلى البطولات الكبرى سواء في أوروبا أو على مستوى المنتخبات
الخاتمة
قرار رولاني موكوينا بتولي قيادة مولودية الجزائر يثبت أن المدرب الشاب يبحث عن مشروع رياضي حقيقي يرتكز على الشغف الجماهيري والطموح الإداري والهوية الكروية الواضحة وبين التحديات التقنية والتوقعات العالية يترقب الجميع ما إذا كان هذا الاختيار سيمثل انطلاقة جديدة له في عالم التدريب أم سيكون مجرد محطة أخرى في مسيرة مدرب لا يزال في بداياته الواعدة ولكن بكل تأكيد فإن مستقبل موكوينا في الجزائر سيكون محل متابعة دقيقة من الإعلام والمتابعين وعشاق الكرة الإفريقية