تُعد كرة القدم من أكثر الرياضات ربحية في العالم ويُعتبر لاعبوها من بين أعلى المهنيين دخلاً على وجه الأرض وبغض النظر عن الجدل القائم حول ما إذا كانت هذه الرواتب مبررة أم لا فإن الواقع يؤكد أن كرة القدم صناعة تدر مليارات الدولارات ومع كل هذا الثراء يطرح سؤال مهم كيف يحصل اللاعبون على أموالهم.
مصادر دخل لاعبي كرة القدم
يحصل لاعبو كرة القدم على دخلهم من عدة مصادر متنوعة ولا يقتصر الأمر على رواتب الأندية التي يلعبون لها بل يمتد ليشمل المكافآت المالية والإعلانات وبيع المنتجات وحتى المحتوى الإعلامي المرتبط بأسمائهم وتكمن قوة هذا النظام في قدرته على تحويل اللاعب إلى علامة تجارية قائمة بذاتها
الرواتب من الأندية
عندما يوقع اللاعب عقداً مع نادٍ فإنه يدخل في اتفاق قانوني يحدد راتبه الشهري أو الأسبوعي وهذا الراتب هو غالباً المصدر الرئيسي لدخل اللاعب وتختلف الرواتب بحسب قيمة اللاعب السوقية ومدى أهميته للفريق فمثلاً كان واين روني يتقاضى في مانشستر يونايتد سنة 2014 ما يقارب 300 ألف جنيه إسترليني أسبوعياً بينما لم يكن زميله نيك باول يحصل سوى على 10 آلاف فقط في نفس الفترة
المكافآت والحوافز المالية
تشمل عقود اللاعبين بنوداً إضافية تتيح لهم الحصول على مكافآت مالية بناءً على الأداء أو الإنجازات الفردية أو الجماعية ومن بين هذه المكافآت نجد مكافآت تسجيل الأهداف وصناعة الأهداف والحفاظ على الشباك النظيفة بالنسبة لحراس المرمى والمدافعين بالإضافة إلى مكافآت الانضباط السلوكي كما حدث مع ماريو بالوتيلي الذي تضمن عقده مع ليفربول مكافأة قيمتها مليون جنيه إسترليني في حال تلقى أقل من ثلاث بطاقات حمراء في الموسم
الجوائز المالية من البطولات
تقدم البطولات الكبرى جوائز مالية ضخمة للأندية الفائزة أو التي تصل إلى مراحل متقدمة وغالباً ما يتقاسم اللاعبون جزءاً من هذه الجوائز مع النادي كتقدير لمساهمتهم في تحقيق النتائج ويتفاوت هذا التوزيع حسب العقود المبرمة مع النادي
عقود الرعاية والإعلانات
أصبح اللاعب المعاصر شخصية مؤثرة في الرأي العام بفضل الشهرة الواسعة التي يحظى بها وهذا ما جعل كبرى الشركات مثل نايكي وأديداس وبوما تتهافت على توقيع عقود رعاية معهم ويشمل ذلك تزويدهم بالمعدات الرياضية مجاناً إضافة إلى مبالغ مالية مقابل استخدامهم للمنتجات أثناء المباريات كما وقع كريستيانو رونالدو عقداً مدى الحياة مع شركة نايكي عام 2016 بقيمة تقارب 770 مليون جنيه إسترليني ويُعد هذا العقد من الأضخم في تاريخ الرياضة ويأتي بعد أسطورتين فقط هما مايكل جوردان وليبرون جيمس
المداخيل من وسائل التواصل الاجتماعي
أصبحت المنصات الاجتماعية مثل إنستغرام ويوتيوب مصدراً جديداً للدخل بالنسبة للاعبين إذ تتيح لهم مشاركة محتوى مدفوع التكاليف من الشركات الراغبة في الاستفادة من تأثيرهم الجماهيري ويُقدر أن كريستيانو رونالدو وحده قد جنى ما يقارب 41.7 مليون جنيه إسترليني من منشورات إنستغرام الدعائية عام 2020
بيع المنتجات والملابس الشخصية
بعض اللاعبين قرروا إنشاء علامات تجارية خاصة بهم مثل جيسي لينغارد الذي أسس علامة JLingz وأيضاً رونالدو بعلامته الشهيرة CR7 وقد ساعدهم اسمهم التجاري على تحقيق أرباح من بيع الملابس والإكسسوارات المستوحاة من شخصياتهم الرياضية
المنتجات الإعلامية
حقق عدد من اللاعبين أرباحاً من نشر سيرهم الذاتية أو من خلال المشاركة في أفلام وثائقية أو برامج تلفزيونية ومن بين الأمثلة البارزة زلاتان إبراهيموفيتش وبيتر شمايكل وكريستيانو رونالدو الذين أصدروا كتباً تحكي مسيرتهم الرياضية بينما شارك كل من ليونيل ميسي وأنطوان غريزمان في أفلام وثائقية عن حياتهم الكروية
من أين تأتي الأندية بالمال
تملك الأندية الكبرى عدة مصادر للدخل تُمكنها من دفع رواتب اللاعبين وتشمل حقوق البث التلفزيوني ومبيعات التذاكر والقمصان والجوائز المالية والرعاية التجارية ولهذا السبب أصبحت الأندية تُدار كمؤسسات تجارية تهدف لتحقيق أرباح ضخمة كل موسم
عدد مرات الدفع
يتقاضى اللاعبون رواتبهم غالباً على أساس أسبوعي أو شهري حسب ما ينص عليه العقد كما تُصرف المكافآت بالتزامن مع الراتب الأساسي أما الجوائز والمداخيل من الإعلانات فقد تُدفع في فترات متفرقة على مدار العام
الراتب أثناء الإجازة
يحصل اللاعب على أجره كاملاً حتى أثناء الإجازات طالما أنه موظف دائم في النادي ويُعامل مثل أي عامل يخضع لقوانين العمل في البلد الذي ينشط فيه النادي وبالتالي فهو مستفيد من الإجازة المدفوعة كأي موظف رسمي
الراتب أثناء الإصابة
تؤمّن الأندية عادة على لاعبيها لتغطية الأجور أثناء الإصابات وتختلف مدة وشروط الدفع حسب العقد وسياسة النادي وقوانين الدوري ففي الدوري الإنجليزي يتقاضى اللاعبون رواتبهم الكاملة لمدة تصل إلى 18 شهراً في حال الإصابة داخل النادي ثم يحصلون على نصف الراتب بعد ذلك أما إذا حدثت الإصابة مع المنتخب أو في نشاط غير متعلق بالنادي فيستمر الدفع لمدة 12 شهراً.
ثم النصف بعد ذلك في الدوري الإسباني يحصل اللاعب على 18 شهراً أيضاً في حال كانت الإصابة أثناء واجبات النادي أما إذا كانت الإصابة لا علاقة لها بكرة القدم فيحق للنادي إنهاء العقد فوراً في ألمانيا يتم دفع الراتب لمدة شهر ونصف فقط بعد الإصابة ولهذا السبب يتجه العديد من اللاعبين إلى شراء تأمين إضافي لتغطية حالات الإصابة الطويلة إذ أن الأندية هناك لا تلتزم بدفع الرواتب في حال الإصابة لفترة طويلة وقد تلجأ مباشرة إلى فسخ العقد
كيف ينفق اللاعبون أموالهم
كان العديد من اللاعبين في السابق يُسرفون في الإنفاق على الكماليات ولكن مع زيادة التوعية المالية أصبح الكثير منهم يديرون أموالهم بشكل أكثر حكمة إذ يستعينون بمستشارين ماليين لإدارة ثرواتهم ويدرك اللاعبون اليوم أنهم لا يعيشون في فقاعة رياضية فحسب بل أيضاً تحت مجهر الإعلام ولذلك فإن طريقتهم في الإنفاق تؤثر على صورتهم العامة ولهذا يحرص العديد منهم على الظهور بمظهر النضج المالي
هل يتقاضى اللاعبون أكثر من اللازم
ربما يكون من الأفضل تحويل هذا السؤال من اللاعبين إلى المجتمع فالرواتب الضخمة التي يحصل عليها نجوم الكرة ليست ناتجة عن طلبهم فحسب بل نتيجة لنظام اقتصادي يمنحهم ما يعكس القيمة التي يضعها الجمهور عليهم فكل مرة ندفع فيها لمتابعة مباراة أو شراء قميص أو حضور لقاء في الملعب نحن نُساهم في بناء هذه المنظومة المالية فاللاعبون يتقاضون هذه الرواتب لأننا نحن من نصنع السوق بمشترياتنا ومشاهداتنا
خاتمة
يحصل لاعبو كرة القدم على دخلهم من مصادر متعددة تتجاوز بكثير مجرد رواتب الأندية ويشمل ذلك المكافآت والإعلانات وبيع المنتجات والإنتاج الإعلامي وتشير كل هذه المصادر إلى أن اللاعب لم يعد فقط عنصراً رياضياً بل بات يمثل قيمة تسويقية واجتماعية واقتصادية في عالم معولم تحكمه قوانين السوق أكثر من قوانين الرياضة ولهذا فإن فهم كيف يحصل هؤلاء اللاعبون على رواتبهم يساعدنا في فهم طبيعة صناعة كرة القدم الحديثة
