
تشهد الأجواء السياسية في الولايات المتحدة تصاعداً كبيراً من التوتر وسط تزايد عدم الثقة في قيادة الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا مما يهدد بإفساد التحضيرات لكأس العالم 2026 الذي سيقام في أمريكا بحركة متنامية تدعو إلى مقاطعة المباريات المقررة على الأراضي الأمريكية
تأتي هذه الحركة كرد فعل مباشر على قرار حظر السفر الذي أصدره الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والذي أثار انتقادات حادة من نواب ديمقراطيين ومنظمات حقوق الإنسان
على الرغم من أن الأمر التنفيذي تضمن استثناءً للرياضيين والمدربين وأفراد أسرهم المباشرين المسافرين لأحداث رياضية كبرى منها كأس العالم والألعاب الأولمبية إلا أن النقاد يحذرون من أن صياغة الاستثناء غير واضحة وقد تؤدي إلى إرباك في وقت حساس للغاية
وينص الاستثناء على أن أي رياضي أو عضو في فريق رياضي بما في ذلك المدربين والأشخاص الذين يقومون بدور داعم ضروري وأفراد الأسر المباشرين يسمح لهم بالسفر لحضور كأس العالم والألعاب الأولمبية وأي حدث رياضي كبير آخر حسب ما يقرره وزير الخارجية
بالرغم من الحماية النظرية للمشاركين إلا أن منظمات حقوق الإنسان والمعارضين يشيرون إلى أن تطبيق هذا القرار قد يتسبب في تأخيرات أو سوء فهم أو أسوأ من ذلك خصوصاً لأولئك القادمين من المناطق التي تستهدفها السياسة الأمريكية
ومع استعداد الولايات المتحدة لاستضافة فعاليات عالمية كبرى مثل كأس العالم 2026 وكأس العالم للأندية 2025 والألعاب الأولمبية 2028 في لوس أنجلوس تتزايد حالة الإحباط والقلق الدولي بسبب غموض سياسة الحدود الأمريكية
غموض سياسة الحدود يفاقم الأزمة
تثير سياسة الهجرة الأمريكية المتغيرة منذ إعلان الحظر مخاوف جدية لدى الفرق والاتحادات الرياضية الوطنية التي بدأت تفكر في اتخاذ موقف واضح من المشاركة في المباريات التي تقام في الولايات المتحدة
يرى البعض أن الضبابية في تطبيق القرار قد تؤثر سلباً على وصول اللاعبين والدعم الفني وهو ما قد يضر بسلامة المنافسة ومصداقية البطولة
تصريحات رئيس فيفا تزيد من حدة الأزمة
ازدادت حدة الأزمة بعد أن أثار رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو جدلاً واسعاً عقب تخلفه عن حضور مؤتمر الفيفا العالمي من أجل لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قطر والسعودية
أدى هذا اللقاء إلى انسحاب مسؤولين أوروبيين وإثارة اتهامات متجددة بأن فيفا تغوص في أزمات السياسة العالمية وتدعم أنظمة استبدادية
اتهم الاتحاد الأوروبي فيفا بعدم الشفافية والاعتماد على علاقات سياسية مكشوفة مع قادة عالميين لتحقيق مكاسب شخصية على حساب مصلحة كرة القدم
وأكدت منظمات حقوق الإنسان وعلى رأسها هيومن رايتس ووتش أن زيارة إنفانتينو إلى الشرق الأوسط تؤكد أزمة مصداقية الاتحاد الدولي لكرة القدم
صرحت منسقة المبادرات العالمية في المنظمة مينكي وردن بأن على إنفانتينو أن يوضح بالتفصيل ما الذي حققه لقضايا كرة القدم وحقوق الإنسان خلال جولته التي أثارت جدلاً واسعاً
وجاءت هذه الانتقادات في وقت حرج بعد أن تم منح السعودية حق استضافة كأس العالم 2034 دون منافسة مما زاد من مخاوف الفساد والتدخلات السياسية في رياضة كرة القدم
دعوات إلى مقاطعة احتجاجاً على الفساد وسياسات الهجرة
مع تصاعد الغضب الشعبي الرسمي والشعبي بدأ عدد من جماهير كرة القدم وبعض الاتحادات الوطنية التفكير في اتخاذ خطوات جريئة تشمل مقاطعة المباريات التي ستقام على الأراضي الأمريكية إذا لم تستجب فيفا لمطالب الإصلاح وتوضيح السياسات الأمريكية المتعلقة بالهجرة
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي موجة من السخرية تجاه إنفانتينو وترامب مع التركيز على صفاتهم المشتركة من حب المال والعظمة والأنانية المفرطة
تداول البعض مزحات حول الهدايا التي قد يحصل عليها إنفانتينو من دول الخليج مثل طائرة خاصة بقيمة 400 مليون دولار في إشارة إلى تقارير حول علاقات ترامب المالية
تداعيات محتملة على كرة القدم العالمية
هذه الأزمة المتفاقمة تهدد بإثارة انقسامات بين الفرق المشاركة والدول المستضيفة وقد تؤدي إلى إعادة النظر في تنظيم كأس العالم 2026 وأحداث رياضية أخرى مهمة
يراقب العالم بقلق تأثير السياسة الأمريكية والقيادة الفيدرالية لكرة القدم على مستقبل الرياضة الأشهر في العالم التي تجمع شعوباً وثقافات من مختلف بقاع الأرض
من المتوقع أن يستمر النقاش المحتدم حول مدى حيادية فيفا وشفافية قراراتها في ظل الأزمات السياسية والاتهامات المتلاحقة
خاتمة
تشكل الأزمة التي أثارها قرار حظر السفر والرؤية السياسية لرئيس الفيفا جياني إنفانتينو تحدياً كبيراً أمام كرة القدم العالمية خاصة في ضوء الاستضافة الأمريكية لكأس العالم 2026 حيث تتداخل السياسة بالرياضة بشكل غير مسبوق مما يدفع الجماهير والاتحادات إلى التفكير بجدية في مقاطعة الحدث كوسيلة للضغط من أجل إصلاحات وضمان نزاهة المنافسات الرياضية وحماية حقوق اللاعبين والمشجعين