تقارير

الملياردير الذي جلب سحر ميسي إلى ميامي

راهن خورخي ماس رهاناً مربحاً على ليونيل ميسي وسرعان ما حوّل إنتر ميامي إلى ثاني امتياز بمليار دولار في الدوري الأمريكي لكرة القدم. ولكن الوقت يمر الآن.

داخل قبة زجاجية كروية تدعى أكوادوم تقع على متن أكبر سفينة سياحية في العالم جلس خورخي ماس مالك نادي إنتر ميامي لمتابعة عرض فاخر بمناسبة إعلان رعاية تاريخية لقميص الفريق مع شركة رويال كاريبيان العملاقة وبينما استعرضت فرقة اسكتلندية عروضها وانطلق الغواصون المائيون كان نجم الحفل هو الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي

قبل أقل من عام كان هذا المشهد أشبه بالخيال فقد كان إنتر ميامي يحتل المركز الأخير في الدوري الأمريكي وتُقدّر قيمته بحوالي 600 مليون دولار فقط رغم مشاركة ديفيد بيكهام في ملكيته ولم يكن يحظى بأي شهرة عالمية تُذكر لكن وصول ميسي غيّر كل شيء حسب تعبير ماس الذي قال لم يعد أحد في العالم لا يعرف أن ميسي يلعب في ميامي

لم تكن صفقة التعاقد مع ميسي رخيصة فقد رفض عرضاً من الدوري السعودي يُقدر بـ 400 مليون دولار سنوياً ومع ذلك حصل على راتب يتراوح بين 50 و60 مليون دولار سنوياً إضافة إلى عائدات إضافية من اتفاقيات مع شركتي أبل وأديداس وتضمن العقد خياراً لميسي في امتلاك حصة بالنادي دون الحاجة لشراء أسهم ورغم التكاليف الباهظة فإن النتائج تجاوزت كل التوقعات المالية

خلال نصف موسم فقط من مشاركة ميسي تضاعفت إيرادات إنتر ميامي إلى 118 مليون دولار ويتوقع أن تتجاوز 200 مليون دولار في الموسم التالي بفضل مبيعات التذاكر والرعايات التجارية والجولات العالمية غير المسبوقة وقد ساهم وصول ميسي في مضاعفة عدد مشتركي خدمة البث الخاصة بالدوري عبر منصة أبل وسجلت الأندية المستضيفة لإنتر ميامي ارتفاعات هائلة في عائداتها

تُقدّر فوربس حالياً قيمة إنتر ميامي بأكثر من مليار دولار مما يجعله ثاني أغلى ناد في الدوري الأمريكي وتقدّر حصة ماس بنحو 80٪ من النادي ما رفع صافي ثروته إلى 1.7 مليار دولار ويعكس هذا النمو الكبير إيمان ماس الراسخ والمبكر بقدرة النادي على ضم ميسي رغم أن الأمر بدا مستحيلاً في بداياته

من هو خورخي ماس ولماذا يعتبر الصفقة الأهم في تاريخ الدوري الأمريكي

لم يكن خورخي ماس في بداياته مهتماً بكرة القدم بل نشأ في ميامي كعاشق للبيسبول وكان يحلم بالاحتراف قبل أن تقضي إصابة في الركبة على مستقبله الرياضي درس إدارة الأعمال في جامعة ميامي وانضم إلى شركة البناء العائلية التي أسسها والده خورخي ماس كانوسا أحد أبرز الشخصيات في مجتمع المنفيين الكوبيين

قاد ماس تحديث الشركة بإدخال أنظمة المحاسبة الإلكترونية واستفاد من إعصار أندرو عام 1992 لإعادة بناء البنية التحتية لولاية فلوريدا مما مهد الطريق لاندماج عكسي أسس شركة ماس تيك التي تُدرّ اليوم أكثر من 12 مليار دولار سنوياً

لطالما حلم ماس بامتلاك نادٍ رياضي وقال إن حلمه الأكبر كان امتلاك ميامي دولفينز فريق كرة القدم الأمريكية لكن القدر قاده إلى مكان آخر ففي عام 2018 وبعد فشل محاولته لشراء فريق ميامي مارلينز تلقى اتصالاً من مفوض الدوري الأمريكي دون جاربر يعرض عليه الشراكة مع بيكهام لإنشاء نادٍ جديد في جنوب فلوريدا وبعد تفكير قبل العرض رغم معرفته أن أغلب أندية الدوري الأمريكي كانت خاسرة مالياً

كيف خطط خورخي ماس لجلب ميسي منذ البداية

منذ انطلاق نادي إنتر ميامي وضع ماس نصب عينيه هدفاً طموحاً يتمثل في جذب أفضل لاعبي العالم وبدأ مبكراً في التواصل مع والد ميسي ووكيله خورخي ميسي منذ سبتمبر 2019 مر بمراحل متعددة وسافر إلى الأرجنتين وقطر وبرشلونة وباريس بينما كانت الإشاعات تشير إلى بقاء ميسي في أوروبا أو انتقاله إلى السعودية وبفضل صبره وإصراره أعلن ميسي في يونيو 2023 عن اختياره النهائي

أدى وصول ميسي إلى نشوء علاقة جديدة بين الجماهير ومدينة ميامي حيث أكد المطور العقاري كريغ روبنز أن المدينة أصبحت مدينة كرة قدم حقيقية

التحديات بعد ميسي وكيف يستعد ماس للمستقبل

رغم كل هذا النجاح إلا أن التحديات تلوح في الأفق فميسي يبلغ من العمر 36 عاماً ولن يستمر إلى الأبد في أكتوبر الماضي جذبت مباراة شيكاغو فاير أكثر من 62 ألف متفرج لمشاهدته لكنه غاب عن اللقاء بسبب الإصابة وفي جولة النادي في هونغ كونغ أثار غيابه انتقادات جماهيرية واسعة

يتضمن عقد ميسي موسمي 2024 و2025 مع خيار للتمديد حتى 2026 ويقول ماس إنه واثق من استمرار النجم حتى ذلك العام رغم اقترابه من سن الأربعين ومع ذلك فقد خطط ماس مسبقاً لانتهاء بعض العقود التجارية مع قدوم ميسي ليوقع عقوداً جديدة تستمر حتى ما بعد رحيله منها اتفاقات مع جي بي مورغان وتشيس وشركة دوراسيل إضافة إلى الرعاية التاريخية مع رويال كاريبيان

رؤية مستقبلية لبناء نادٍ عالمي

يراهن ماس على أن يصبح إنتر ميامي وجهة للنجوم الكبار ويقول إن المال لن يكون عائقاً مستقبلاً وتوفر مدينة ميامي مزايا عديدة منها الطقس الدافئ والجاذبية الثقافية وعدم وجود ضرائب دخل وقربها من أمريكا اللاتينية مما يجعلها خياراً مفضلاً للاعبين

يتوقع ماس أنه بحلول عام 2027 سيكون في الدوري الأمريكي بين 12 إلى 20 لاعباً من أفضل 100 لاعب في العالم وهي فترة مهمة خاصة مع اقتراب كأس العالم 2026 التي ستُقام في أمريكا وكندا والمكسيك كما أن الشراكة الإعلامية مع شركة أبل قد تلعب دوراً جوهرياً في تطور الدوري خاصة أن العائدات ستُشارك إذا تجاوز عدد المشتركين الحد المتفق عليه

يختم ماس بقوله إن مسؤوليته الأولى هي تطوير الدوري بأكمله وليس فقط ناديه وأن نجاح صفقة ميسي لم تكن مصلحة لإنتر ميامي وحده بل قفزة نوعية للدوري الأمريكي بكامله

خاتمة

نجح خورخي ماس في تحويل إنتر ميامي من نادٍ مغمور إلى علامة تجارية عالمية بفضل استثماره الذكي في ليونيل ميسي لكنه يعلم أن التحدي الحقيقي يكمن في ما بعد ميسي ويحاول حالياً ترسيخ مكانة النادي واستغلال الفرص المستقبلية لبناء فريق قادر على المنافسة على المدى البعيد مع الحفاظ على النمو التجاري والرياضي الذي تحقق في السنوات الأخيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى